كان تضرر المالية العمومية خلال الفترة 2020/2022 هو الأشد منذ سنة 1986 وذلك بسبب تراجع مجمل الدعائم الاقتصادية والذي زادته الجائحة الصحية تفاقما، وفق مذكرة إحصائية حديثة أعدها “منتدى ابن خلدون للتنمية”، وهو مركز بحثي متخصص في اقتصاد التنمية.

 وقسمت المذكرة إلى 4 محاور تم في إطارها دراسة حقبات مفصلية في التاريخ الاقتصادي الوطني استنادا إلى 3 مؤشرات رئيسية وهي الرصيد الأولي للميزانية، بمعنى الفارق بين إيرادات الدولة ونفقاتها دون اعتبار تسديد أصل الدين ونسبة الضغط الجبائي وحجم الدين العمومي مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي.

 

وتعلقت دراسة المذكرة للحقبة الأولى 1994/1987 بتأثير إعتماد برنامج الإصلاح الهيكلي، إذ وصلت نسبة الضغط الجبائي إلى 20.8 % من الناتج المحلي الإجمالي في حين كان معدل عجز الميزانية في حدود 3 % بينما بلغت نسبة الدين العمومي 58 % من الناتج.

واتسمت الحقبة الثانية الممتدة من 1995 الى 2010 بتأثير برنامج رفع التعريفات الجمركية تبعا لتوقيع اتفاق التبادل الحر للمنتجات الصناعية مع الاتحاد الأوروبي.

وشهدت هذه الفترة انفراجا نسبيا لمختلف المؤشرات المالية والاقتصادية بلغ أوجه سنة 2010 حين انحصر عجز ميزانية الدولة في حدود 1 % فقط من الناتج المحلي الإجمالي وتراجع قائم الدين العمومي تحت سقف 41 % من الناتج.

 في المقابل تميزت الحقبة الثالثة الممتدة من 2011 الى 2019 بالتأثيرات الكبرى للتجاذبات السياسية والتوترات الاجتماعية لينتج عن ذلك تضاعف قائم الدين العمومي 3 مرات وبلوغه نسبة قياسية تقدر بـ77.9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في حين سجلت سنة 2019 على نحو خاص تحسنا نسبيا لمؤشرات المالية العمومية وذلك بفضل الجهود المتظافرة في مجال الاستخلاص الجبائي.

 وختم المنتدى مذكرته بالتطرق إلى ما اتسمت به السنوات الثلاث 2022/2020 من تراجع حاد للمؤشرات الاقتصادية ولدعائم المالية العمومية تسبب فيه إلى حد بعيد عدة عوامل أهمها تأثيرات الجائحة الصحية التي أعقبتها مباشرة الحرب في أوكرانيا.